جارٍ تحميل التاريخ...

خطبة منبرية في موضوع ” في مضامين الرسالة الملكية السامية إلى علماء الأمة” ليوم 26 ربيع الأول 1447هـ الموافق لـ 19 شتنبر2025م

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه

خطبة في مضامين الرسالة الملكية السامية إلى علماء الأمة

خطبة الجمعة لـ: 26 ربيع الأول 1447هـ الـموافق لـ 19/9/2025م

   الخطبة الأولى

     الحمد لله الحميد المجيد، الفعال لما يريد، المتفضل على عباده بجلائل النعم دون تحديد، نحمده سبحانه على ما منحنا من عطاياه، ووفقنا للتمسك بهدي نبيه وسجاياه، ونشهد أن لا إله إلا الله المتفرد في جلاله، والمتجلي على عباده بجماله، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أرسله رحمة للعالمين، ورفع ذكره في الدنيا وفي أعلى عليين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الأبرار، وصحابته الميامين الأخيار، وعلى التابعين لهم بإحسان في الجهر والإسرار.

أما بعد؛ أيها المؤمنون والمؤمنات، فبمناسبة مرور خمسة عشر قرنا على ميلاد الحبيب المصطفى سيدنا ونبينا محمد ﷺ، تفضل مولانا أمير المؤمنين، رئيس المجلس العلمي الأعلى – حفظه الله وأعز أمره -؛ رعاية منه لمقام النبوة، وأداء لأمانة الرسالة، فبعث رسالة سامية إلى العلماء، ومن خلالهم إلى الشعب المغربي قاطبة، وإلى كل محبي الرسول ﷺ؛ لجعل هذه السنة سنة تذكير بواجب المحبة الصادقة للجناب النبوي الشريف؛ تأكيدا على ما درج عليه أسلافهُ من الاحتفال والاحتفاء بالجناب الشريف خاصة وعامة؛ تأليفا ومدحا وتزكية وسلوكا، وتمسكا بكثرة الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى e في السراء والضراء؛ وهذه بعض مضامين الرسالة الملكية السامية:

أولا: دعا مولانا أمير المؤمنين العلماء ومن انخرط في سلكهم من القيمين الدينيين والجامعيين، إلى إلقاء الدروس والمحاضرات في جميع الأمكنة المتاحة للتذكير، وللمزيد من التعريف بسيرة الرسول الأكرم – صلوات ربي وتسليماته عليه -، بأسلوب يراعي حاجات الناس، ويناسب عقول الشباب وجميع فئات الشعب، مع التركيز على أعظم ما جاء به الرسولe؛ وهو دين التوحيد المتجلي في مكارم الأخلاق والمحرر من الأنانية وعبادة هوى النفس.

ثانيا: القيام بأنشطة مماثلة؛ للتعبير عن شكر الله تعالى الذي مَنَّ على بلادنا باختيار الإمامة من ذرية الحبيب المصطفى ﷺ، لتحمي دينه وتحافظ على هديه وعهده؛ وهذا ما يوجب الشكر والمحبة والدعاء مرتين؛ مرة للنسب الشريف، ومرة لمقام الإمامة العظمى،

يقول الله تعالى: 

[1] قُل لَّآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً اِلَّا اَ۬لْمَوَدَّةَ فِے اِ۬لْقُرْب۪يٰۖ

ويقول الشافعي رحمه الله:

يا آل بيت رسول الله حبُّكمُ   فرض من الله في القرآن أنزلهُ

يكفيكمُ من عظيم المجد أنكمُ  من لم يصل عليكم لا صلاة له

ثالثا: القيام بما يناسب المقام شكرا لله سبحانه على ما هدى إليه مولانا أمير المؤمنين من وراثة الإمارة، ويسر له سبيل الرعاية لشؤون الدين والدنيا، ووفر له الشروط المثلى حتى يقوم شعبه الوفي بكل ما يرضي الله عقيدة وعبادة وأخلاقا.

رابعا: التعريف بجهود مولانا أمير المؤمنين خاصة، وجهود سلاطين الدولة العلوية المنيفة عامة في العناية بتركة النبي ﷺ، ولا سيما الحديث النبوي الشريف، الذي أولاه مولانا أمير المؤمنين ما أولاه من العناية الخاصة، والصيانة الكافية، عبر تجديد مؤسسة دار الحديث الحسنية، والدروس الحديثية في قناة وإذاعة محمد السادس، ومنصة محمد السادس للحديث الشريف التي كانت ملجأ لكل طلاب الحديث الصحيح علما وعملا، وجائزة محمد السادس لأهل الحديث، وغيرها من الجهود المباركة الميمونة التي تربطه، حفظه الله، بميراث جده المصطفى، ﷺ سيرا على نهج أسلافه المنعمين الخادمين للسيرة والسنة النبوية.

خامسا: حث – حفظه الله – العلماء على التعريف بما برَّز فيه المغاربة عبر التاريخ؛ من العناية بالأمانات التي بعث الرسول الأكرم ﷺ من أجلها، كما في قوله تعالى:

[2] هُوَ اَ۬لذِے بَعَثَ فِے اِ۬لُامِّيِّـۧنَ رَسُولاٗ مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمُۥٓ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ اُ۬لْكِتَٰبَ وَالْحِكْمَةَ

مع إبراز ما خص الله به بلادنا من العناية بالأمانة الأولى من هذه الأمانات؛ ألا وهي العناية بالقرآن الكريم؛ حفظا وتجويدا وتفسيرا.

سادسا: التذكير بما برز فيه المغاربة أمراء وعلماء وشعبا؛ من العناية بثانية الأمانات؛ وهي التزكية بكل ما تعني هذه الكلمة من معاني الزهد والتربية والتصوف والتحلي بمكارم الأخلاق؛ وهي كلها في جوهرها تقوم على محبة وتعظيم الجناب النبوي، وتنتهي بأسانيدها إليه، والدخول على الله تعالى من باب الاقتداء بالرسول، ﷺ، مصداقا لقول الله تعالى:

[3]  اِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اَ۬للَّهَ فَاتَّبِعُونِے يُحْبِبْكُمُ اُ۬للَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْۖ وَاللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞۖ

سابعا: تعريف عموم الناس بما أجاد فيه المغاربة من صياغة غرر السماع والمديح النبوي للتعبير عن الحب الصادق وتمجيد النبي ﷺ في نفوس الناس حتى يحبوه، فإذا أحبوه اتبعوه؛ لما في ذلك من إغناء الفطرة السليمة وتغذية الروح والاستمداد من الروحانية المحمدية.

   عباد الله؛ ما علينا إلا أن نحمد الله تعالى ونشكره شكر العارفين المقرين بما مَنَّ به علينا من إمام وسلطان عظيم، نظر بإجلال وإخلاص إلى مقام النبوة العظيم المقدار، فحث أمته والمسلمين جميعا على التمسك بالهدي النبوي الشريف، والتعريف به في سائر الأمكنة والأزمنة المتاحة احتفاء بمرور خمسة عشر قرنا من التوحيد والعبادة لله من غير تحريف أو تبديل. ولا يزيدها طول الزمان إلا المزيد من المحبة والتعلق بالجناب الشريف للنبي ﷺ.

نفعني الله وإياكم بقرآنه المبين وبحديث سيد الأولين والآخرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية

   الحمد لله رب العالمين، له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه ورشده.

عباد الله؛

ثامِنا: أمر مولانا أمير المؤمنين العلماء بالتعريف بما برَّز فيه المغاربة من صياغة الصلوات على الرسول وآله ﷺ؛ مذكرا ببعض الكتب كـ(ذخيرة المحتاج) للمربي المعطى الشرقاوي، و(دلائل الخيرات) للمربي محمد بن سليمان الجزولي، و(الدر المنظم) للمربي أبي العباس العَزَفي؛ وهي كتب لها تجلياتها في حياة الأمة.

تاسعا: دعا حفظه الله إلى تحقيق نفيس لكتاب القاضي عياض (الشفا بتعريف حقوق المصطفى)، اَلذي لم يؤلف في موضوعه مثله، وشرق وغرب مدحه وصيته. وغيرها كثير من صنوف العناية المغربية بالتفنن في صياغة الصلوات على النبي المختار ؛ مما يدل على ارتباطهم بهديه وشمائله وسيرته وسنته ﷺ.

عاشرا: الحرص على توجيه الناس، ولا سيما في هذه الذكرى المجيدة؛ ذكرى مولد الرسول الأكرم ﷺ؛ إلى أن يكثروا من الصلاة والسلام على النبي المختار، امتثالا لقول الله تعالى:

[4]اِنَّ اَ۬للَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَي اَ۬لنَّبِےٓءِۖ يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماًۖ 

وأن يقوم العلماء بالمجالس الحافلة بالصلاة والذكر والدعاء، يحضرها الخاص والعام؛ استمطارا للرحمات واستنزالا للبركات ولألطاف الله وأفضاله وكرمه وأمنه على بلادنا، وأن يمتع مولانا أمير المؤمنين وأسرته الشريفة بتمام الصحة وجميل العافية.

     كما لم ينس مولانا أمير المؤمنين أن يَلْفت عناية العلماء للمغاربة المقيمين بالخارج، وكذا العلماء الأفارقة؛ بإشراكهم في فعاليات هذه البرامج المباركة، وفاء بحقهم، وربطا لهم بوطنهم الغالي المحفوظ بفضل الله ورعايته بالقرآن العظيم، وسنة الرسول الكريم، وتخصيصه بإمارة المؤمنين الحامية للأمة والدين.

   هذا؛ وصلوا وسلموا – عباد الله – على سيدنا محمد، فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين، وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن باقي الصحب أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

   وانصر اللهم من وليته أمر عبادك، وخصصته بمزيد عنايتك لقيادة البلاد، وسياسة العباد، وحفظ الدين برعاية القرآن والسنة والسيرة، وتخليد أمجاد الأمة في إحياء ذكرى الحبيب المصطفى بما يليق بها من الرعاية السامية، مولانا أمير المؤمنين، جلالة الملك محمدا السادس، اللهم بارك له في صحته وعافيته، واحرسه بعينك التي لا تنام، واكلأه في جنبك الذي لا يضام، وبلغه فيما يرضيك آماله، اللهم أقر عين جلالته بولي عهده المحبوب الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزر جلالته بشقيقه السعيد، الأمير الجليل مولاي رشيد، وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة.

   اللهم تغمد بواسع رحمتك، وكريم جودك، الملكين الجليلين، الناصحين لأمتهما في حياتهما، المحبين لجناب نبيك الكريم، مولانا محمدا الخامس، ومولانا الحسن الثاني، اللهم طيب ثراهما، وأكرم مثواهما، واجعلهما في مقعد صدق عندك.

   اللهم احفظنا واحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه، وحصِّنْها بكتابك وسنة نبيك، ﷺ، واجعلها بلاد العلم والدين، واجعل أهلها شامة في الناس، عبادة وأخلاقا ومعاملة وسلوكا. وأئمة على سنن أسلافهم في حماية ثغور الأمة علما وعملا. آمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

 

[1] – الشورى 21.

[2] – الجمعة 2.

[3] – آل عمران 31.

[4] – الأحزاب 56.

شاهد أيضا

تصنيفات

At vero eos et accusamus et iusto odio digni goikussimos ducimus qui to bonfo blanditiis praese. Ntium voluum deleniti atque.

Melbourne, Australia
(Sat - Thursday)
(10am - 05 pm)